قال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين زياد النخالة، :" تحتفل حركة الجهاد الإسلامي اليومِ بذكرى انطلاقتها، تحتَ عنوان: القدس موعدنا، تأكيدا منها على أن القدس كانت وما زالت نقطة التقاء أمتنا على الحق، وعنوان مستقبلنا باتجاه تحرير فلسطين كل فلسطين، مباركاً للشعب الفلسطيني المجاهد الصابر، ولكل كوادر الحركة وقادتها، هذه الذكرى المباركة، التي تعتبر بمثابة تجديداً للعهد على طريق الجهاد والمقاومة.
وأضاف النخالة في كلمة له خلال المهرجان الذي نظمته الحركة بين (غزة وبيروت ودمشق)، :"إن تاريخ حركةِ الجهادِ الإسلامي هو تاريخ تراكم إرادة القتال والجهاد، ومواجهة المشروع الصهيوني في كل مكان من فلسطين، عبر المقاومة المستمرة، وبكافة أشكالها التي لم تتوقف يوماً واحدا، حتى وصلت إلى امتلاك القدرة على قصف الكيان الصهيوني، وكل مدنه ومستوطناته، وقد فعلت ذلك في كل مرة كانت تريد ذلك.
وتابع، أن حركة الجهاد أثبتت أنها قادرة على اجتياز محطات مفصلية في تاريخِها الجهادي، ولم ترهبها الاغتيالات، ولا التصفيات، ولم تضعفها جريمة اغتيال أمينها العام الأول الذي كان أيقونة الجهادِ والمقاومةِ، الدكتور فتحي الشقاقي، ولا وفاة قائدها وأمينِها العام الثاني، الدكتور رمضان عبد الله شلّح الذي كانَ مميزاً وأميناً، وأوصل الحركة إلى ما وصلت إليه، وعشراتِ القادة، وعلى رأسهم القائد الشجاع الشهيد بهاء أبو العطا، والقائد المميز الشهيد محمود طوالبة، ومئات الشهداءِ الذين لهم مكانتهم في مسيرتِنا.
وأكد النخالة أن إخوانُنا الأحياءُ في كل المواقع أثبتوا أنّهم على قدرِ المسؤوليةِ، وأنّهم يملكون من العزيمة والإصرار ما يجعلهم يواصلون طريق الجهاد، مهما بلغت التضحيات، بهمة عالية وإخلاص مميز، حتى أصبحت حركتنا ملء سمع العالم وبصره.
الوضع الدولي والإقليمي
وقال القائد النخالة:" إن الذكرى الثالثةُ والثلاثونَ لانطلاقةِ حركة الجهاد الإسلامي تحل علينا في أجواءِ متغيراتٍ دولية وإقليمية بالغةِ التعقيد، وسطَ إعادةِ رسمِ التحالفاتِ في المنطقةِ والعالمِ، بإشرافٍ أمريكيٍّ وقحٍ، يستندُ إلى معاييرِ القوة اللاأخلاقية التي تميزت بها الولايات المتحدة الأمريكية منذ نشأتها. مضيفا أن ما نشهده اليومَ من موجة تطبيع عربية مع العدو الصهيوني، يأتي في إطار إعادة ترتيب المنطقة، وله هدف واحد وواضح، وهو إدخال المنطقة العربية بتاريخها وحضارتها بيت الطاعة الإسرائيلي.
وأوضح، أن الولايات المتحدة تريد بناء المنطقة على أساسٍ من المصالح، يكون العدو الصهيوني القوة الأساسية المهيمنة فيها، والقوة المركزية التي تتفاعل مع كل طرف وحيدا، والتي تشرف على إعادة تشكيل المنطقة، والمحاور والسياسيات فيها، والإمكانياتِ والعلاقات، لذلك عملوا على إلغاء هويتِنا كأمة عربية وإسلامية، بإلغاءِ تاريخِنا، وإلغاءِ عقيدتِنا، وعمدوا إلى إطلاقِ اسم "أبراهام" على ما يُسمى بمشروعِ السلامِ مع دولِ الخليجِ( الفارسي ).
وشدد على، أنهم بهذا السلام الوهمِ يريدونَ تفكيكَ المنطقةِ، وللأسفِ لقدْ تقدموا خطوةً خطيرةً، ورأَيْنا الجامعةَ العربيةَ مشلولةً، ولا تستطيعُ حتى أنْ تعيدَ قراءةَ قراراتِها السابقةِ وصمتوا على ما حدثَ. موضحاً أن موقفُ الجامعةِ العربيةِ مِنَ اتفاقِ التطبيعِ الجديدِ مؤشراً واضحاً على ضعفِ الموقفِ العربيِّ الجامعِ، ولو في حدِّهِ الأدنى، وقد بدأ أنّ الكيانَ الصهيونيَّ يحظى بقبولٍ أكثرَ مما تحظى بهِ القضيةُ الفلسطينيةُ وعدالتُها.
واكد، أنه وعلى الرغم من الواقع المرير إلا القناعة هي أن الشعوب العربية والإسلاميةَ هي مع فلسطينَ ومع القدسِ، مؤكداً أن حركة الجهاد الإسلامي كانت ومازالت تثق وتراهن على وعي شعوبِ الأمةِ في مواجهةِ كلِّ المحاولاتِ التي تريدُ القبولَ بالعدوِّ الصهيونيِّ كجزءٍ مِنَ المنطقةِ.
ووجه النخالة التحية بمناسبة انطلاقة حركة الجهاد الإسلامي، إلى كلِّ الشعوبِ العربيةِ والإسلاميةِ، في كلِّ مكانٍ، التي ترفضُ وتُصِرُّ على عدمِ الاعترافِ بالعدوِّ الصهيونيّ. مؤكداً على تحالف الحركة مع كلِّ قوى المواجهةِ والمقاومةِ للمشروعِ الأمريكيِّ والصهيونيِّ في المنطقةِ والعالمِ.
الوضع الفلسطيني
وحيال الوضع الفلسطيني، أوضح القائد النخالة أن مبادرةَ الاستسلامِ التي حاولَتِ الولاياتُ المتحدةُ الأمريكيةُ فرضَها على شعبِنا قد واجهَتْ رفضاً فلسطينياً جامعاً، وإنّ إرادةَ شعبِنا هي التي تقفُ عقبةً رئيسيةً اليومَ أمامَ خطةِ الضمِّ والتهويدِ الصهيونيةِ التي تستهدفُ إنهاءَ أيِّ حلمٍ فلسطينيٍّ بإقامةِ دولةٍ فلسطينيةٍ كاملةِ السيادةِ وعاصمتُها القدسُ، على ما تبقى مِنْ فلسطينَ، بعدَ اعترافِ الرسميةِ الفلسطينيةِ بدولةِ الكيانِ الصهيونيِّ على 87% مِنْ فلسطينَ، كدولةٍ للعدوِّ الصهيونيِّ، في اتفاقِ أوسلو اللعينِ، الأمر الذي استدعى شعبَنا الفلسطينيَّ وقواهُ السياسيةَ لحالةِ استنفارٍ شاملةٍ، أدَّتْ إلى لقاءِ الأمناءِ العامينَ للفصائلِ. موضحاً أن حركة الجهاد شاركت في هذا اللقاء، إيماناً منها بضرورةِ وحدةِ شعبِنا، وضرورةِ وحدةِ الموقفِ الفلسطينيِّ، في مواجهةِ ما يستهدفُ تصفيةَ القضيةِ الفلسطينيةِ لصالحِ المشروعِ الصهيونيِّ.
وأشار إلى أن الحركة أكدت خلال اللقاء على ضرورةِ سحبِ الاعترافِ بالكيانِ الصهيونيِّ، وإعادةِ بناءِ منظمةِ التحريرِ الفلسطينيةِ، لتصبحَ الإطارَ الوطنيَّ الذي يمثلُ قوى الشعبِ الفلسطينيِّ كافةَ ، والإعلانِ عنْ أنّ المرحلةَ التي يعيشُها شعبُنا ما زالَتْ مرحلةَ تحررٍ وطنيٍّ، وأنّ الأولويةَ هي للمقاومةِ، وإنهاءِ الوضعِ الراهنِ، وتحقيقِ الوحدةِ الوطنيةِ على قاعدةِ برنامجٍ وطنيٍّ قائمٍ على المقاومةِ بكلِّ أشكالِها.
وقال:" إن هذه العناوينُ هي دليلُ حواراتِنا الفلسطينيةِ الداخليةِ التي نعتقدُ أنهُ من دونِها سيبقى الوضعُ الفلسطينيُّ عاجزاً عَنِ التقدمِ، ولا يستطيعُ تجاوزَ المرحلةِ الراهنةِ. مؤكداً على أن حركة الجهاد عندما شاركت في لقاءِ الأمناءِ العامينَ، انطلَقْنا منْ ضرورةِ وحدةِ الموقفِ الفلسطينيِّ، وهذا لا يعني أنْ نتنازلَ عنْ رؤيتِنا ومشروعِنا الذي يتحدثُ عنْ فلسطينَ التاريخيةِ، وفقاً للميثاقِ الوطنيِّ الفلسطينيِّ، محمياً بخلفيةٍ شرعيةٍ لا تقبلُ الاعترافَ بـ "إسرائيل".
وأعرب عن اعتقاده اليوم وأكثرَ مِنْ أيِّ وقتٍ مضى، بعدمِ الانطلاقِ منْ نفسِ أرضيةِ مشروعِ أوسلو، تحتَ أيِّ ظرفٍ مِنَ الظروفِ، وبأيِّ دعوةٍ مِنَ الدعواتِ، مثلِ إدخالِ تحسيناتٍ والبناءِ على ما هو متاح.
وشدد على أن خط الدفاع الأول هو الشعبُ الفلسطينيُّ الذي يؤمنُ بحقِّهِ في فلسطينَ، وهذا التصميمُ هو الذي يجبُ أنْ يدفعَنا لصياغةِ برنامجٍ وطنيٍّ يستندُ على حقوقِ شعبِنا التاريخيةِ في فلسطينَ.
وأوضح أن غيابَ البرنامجِ الوطنيِّ المشتركِ يعني غموضَ الرؤى السياسيةِ، والالتزاماتِ الوطنيةَ، والقفزَ مرةً أخرى في الهواءِ. ونحن لا نريدُ إعادةَ التجربةِ، بإجراءِ بعضِ التحسيناتِ على خطاباتِنا، ونقفزُ عَنِ الحقائقِ الماثلةِ أمامَنا.
وقال:" إنَّ فشلَ مشروعِ السلامِ تحتَ عنوانِ أوسلو، وتصميمَ العدوِّ على تحويلِ الضفةِ إلى دولةٍ للمستوطنينَ، لنْ يجعلَنا نذهبُ في هذا الاتجاهِ مرةً أخرى، ونعطي مجدداً شرعيةً للاحــتلالِ بكلِّ إجــراءاتِهِ.
وأضاف، أن حركة الجهاد تضع في حواراتها أولويةً لصياغةِ برنامجٍ وطنيٍّ مقاومٍ وواضحٍ، ولا أولويةَ لأيِّ شيءٍ آخرَ.
ولفت إلى أن اجتماعُ الأمناءِ العامينَ عُقِدَ بعدَ أزمةٍ طاحنةٍ استمرَّتْ سنواتٍ طويلةً، واستنفدَتْ طاقاتٍ كبيرةً، ولكنْ أنْ تعودَ المخرجاتُ لما رفضناهُ في بدايةِ مشروعِ أوسلو، فهذا لن نوافقَ عليه.
وأضاف، أننا ذاهبون إلى اللقاءِ الوطنيِّ بعدَ فشلِ مشروعٍ استمرَّ أكثرَ منْ ربعِ قرنٍ، واصطدمَ بحقيقةِ أنّ المشروعَ الصهيونيَّ ما زالَ قائماً ولم يتراجعْ عنْ فكرةِ ضمِّ الضفةِ الغربيةِ. وطالَبْنا واقترَحْنا برنامجاً وطنياً يقطعُ تماماً مع الاتفاقاتِ السابقةِ، ويعيدُ بناءَ منظمةِ التحريرِ الفلسطينيةِ، لتكونَ إطاراً جامعاً لكلِّ قوى شعبِنا، على أُسسٍ سياسيةٍ وتنظيميةٍ جديدةٍ. وبغيرِ ذلكَ نهربُ إلى الأمامِ مرةً أخرى، ونغادرُ كلَّ المفاهيمِ التي بنَيْنا عليها مقاومتَنا خلالَ السنواتِ الماضيةِ.
وأكد على أن الحركة لديها قناعةٍ تامةٍ وراسخةٍ بأنَّ الوحدةَ الوطنيةَ هي صمامُ الأمانِ لقضيتِنا، ولذلكَ لم نكنْ في حركةِ الجهادِ لنتردّدَ أو نتخلّفَ عنْ تلبيةِ نداءِ الوحدةِ الوطنيةِ. وعلينا مغادرةُ الأوهامِ، والكفُّ عَنِ الرهاناتِ على متغيراتٍ خارجيةٍ أمريكيةٍ أو صهيونيةٍ.
وقال :" إنّ الوحدةَ الحقيقيةَ تقومُ على قاعدةِ القناعةِ بضرورةِ مواجهةِ المشروعِ الصهيونيِّ، بكلِّ السبلِ والوسائلِ المتاحةِ... فهذه قناعتُنا التي تُثْبِتُ لنا الأيامُ والتجاربُ صدقَها وجدواها.
وأضاف، على الرغم من كلِّ المحاذيرِ التي أمامَنا نؤكدُ على تمسكِنا بأهميةِ الحوارِ الوطنيِّ للخروجِ مِنَ المأزقِ الذي تمرُّ بهِ قضيتُنا، حتى نصلَ سوياً لصياغةِ برنامجٍ وطنيٍّ يتناسبُ وحـجـمَ تضحياتِ شعبِنا ونضالاتِهِ.
وأكد على الثوابتِ التي تحكمُ موقف حركة الجهاد الإسلامي مِنَ العناوينِ التي يتمُّ الحديثُ عنها اليومَ، المجلس الوطني، ومنظمة التحرير الفلسطينية، والمجلس التشريعي.
وأوضح أن الحركة ستشارك في انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، إذا ما وقعَتْ، بشرطِ أنْ تكونَ هذه الانتخاباتُ مفصولةً عَنِ انتخاباتِ المجلسِ التشريعيِّ، التي تَعتبرُ أنَّ أعضاءَ المجلسِ التشريعيِّ هم أعضاءٌ في المجلسِ الوطنيِّ.
أما بخصوص منظمة التحرير الفلسطينية، فالحركة تسعى أن تكون جزءاً منها، هي المنظمةُ التي لا تعترفُ بالكيانِ الصهيونيِّ، وتقطعُ مع أيِّ اتفاقياتٍ سابقةٍ معهُ، وفقاً للميثاقِ الوطنيِّ الفلسطينيّ.
أما فيما يتعلق بانتخابات المجلس التشريعي، أكد القائد النخالة، أن مجلساً تشريعياً يعترفُ بالعدوِّ، ووفقاً لاتفاقياتِ أوسلو، لنْ نكونَ جزءاً منهُ أو مشاركينَ فيهِ.
وأعرب عن اعتقاده أن المجلسَ التشريعي يجبُ أنْ يكونَ ملتزماً بالمشروعِ الوطنيِّ الفلسطينيِّ الذي لا يعترفُ بالعدوِّ، وفي هذه الحالةِ فقط سنشاركُ في انتخاباتِهِ، ونكونُ جزءاً فاعلاً فيهِ.
وأوضح ، أنه في حال لم نستطع التوافق على برنامجٍ وطنيٍّ لا يعترفُ بالكيانِ الصهيونيِّ، فإنّنا لنْ نُعرقلَ أيَّ اتفاقياتٍ أو تفاهماتٍ داخليةٍ يمكنُ أنْ تحدثَ. وسنكونُ دوماً مع شعبِنا وقوى المقاومةِ في الخطوطِ الأولى، مقاتلينَ ومدافعينَ عنْ حقِّ شعبِنا في الحريةِ والتحريرِ، وسنشاركُ بفعاليةٍ في كلِّ النشاطاتِ الشعبيةِ التي يتمُّ التفاهمُ عليها، وستبقى المقاومةُ بسرايا القدسِ المظفرةِ وكتائبِ القسامِ الباسلة، وكتائبِ المقاومةِ جميعِها عصيّةً على التطويعِ، رغمَ كلِّ التهديداتِ، وسيَبقى شعبُنا في كافةِ أماكنِ وجودِهِ شامخاً بمقاومتِهِ ورفضِهِ لكلِّ الحلولِ التي تتجاوزُ حقوقَهُ التاريخيةَ.
كما شدد على ضرورة وأهميةِ إنهاءِ الحصارِ على قطاعِ غزةَ، ورفعِ العقوباتِ التي فُرضَتْ عليهِ بسببِ الخلافاتِ الداخليةِ.
وأبرق النخالة بالتحية إلى عائلاتِ الأسرى والمعتقلينَ في السجونِ الصهيونيةِ، على تضحياتِهم المستمرةِ. كما توجه بتحية الصمود إلى الأسرى كافة، سائلاً المولى عز وجل أن يفك أسرهم. مؤكداً أن المقاومة وقواها لنْ تألو جهداً في العملِ على تحريرِهم، أياً كانَتِ التضحياتُ. محملاً العدو مسؤوليةَ حياةِ أيِّ أسيرٍ منهم، وأخصُّ بالذكرِ هنا الأسيرَ المجاهدَ ماهر الأخرس. وعلى العدوِّ أنْ يفهمَ تماماً ما أقولُ.
تعليقك